الأمهات العازبات

Abstract

تُعتبر ظاھرة الأمھات العازبات في الجزائر من الظواھر المسكوت عنھا لإعتبارات تتعلّق بمواضیع یصعُب الحدیث عنھا كالعلاقات الجنسیة خارج إطار الزواج و الأطفال الغیر شرعیین الذین یعتبرھم المجتمع نتیجة للإنحلال الخُلقي و الخروج عن الآداب العامة، فالظاھرة وبالرغم من التعتیم الذي یُمارس في حقھا إلا أنھا تعرف إنتشارا خطیرا في الجزائر نتیجة التحولات الإجتماعیة و الغزو الثقافي لأنماط دخیلة عن النسیج الإجتماعي العام المعروف في بلد عربي و إسلامي و الذي یرفض تماما أي تعدي على الثوابت و الأعراف التي لا تسمح بممارسة الجنس إلا في إطار مؤسسة الزواج والذي یُعتبر المساحة الشرعیة الوحیدة لأي ممارسة جنسیة والطریق الوحید لإعتبار الأطفال الناتجین عن ھذه الممارسة أطفالا شرعیین.وبعكس المجتمعات العربیة عموما والإسلامیة خصوصا تُعتبر الظاھرة في المجتمعات الغربیة من الظواھر العادیة بل وتُمثّل في بعض البلدان الأوروبیة مثلا صورة من صور التحرّر الذي حصلت علیھ المرأة، كیف لا وقد نلاحظ أن نصف الموالید الأحیاء سنویا في بعض ھذه البلدان ھم نتیجة علاقات تتم خارج إطار الزواج وذلك بغض النظر عن الكم الھائل للتشریعات و المواد القانونیة التي وُظفت في ھذا الإتجاه فأصبح المجتمع ینظر إلى الطفل الشرعي والغیر شرعي بنظرة متساویة وحفظ كل الحقوق للأم العازبة، فیما نجد العكس تماما بالنسبة للبلدان العربیة التي تمثل في مجملھا نموذجا واحدا من حیث التعامل مع ظاھرة الأمھات العازبات إما من حیث التعامل المیداني أو من حیث الدراسة والبحث، فالعدید من ھذه الدول تعرف نقصا كبیرا في القوانین و التشریعات الخاصة بھذه الفئة الإجتماعیة، إضافة إلى ذلك شح الإحصائیات أو إمتناع الجھات الرسمیة في ھذه البلدان عن إعطاء مؤشر صادق عن حجم ھذه الظاھرة التي تمسّ المرأة والطفل بالدرجة الأولى.الجزائر كبلد ینتمي إلى ھذه المنظومة یعرف نفس الوضعیة، فقانون 1976م ھو الوحید إلى أشار صراحة إلى الأمھات العازبات وحاول الإلتفاف حول ھذا المشكل الإجتماعي الخطیر من خلال البحث عن حلول واقعیة تساعد الأم العازبة للإحتفاظ بمولودھا الغیر شرعي من خلال توفیر مرافق تأویھا وتفتح لھا قنوات جدیدة للإتصال مع المحیط الإجتماعي، كما سمح لھا أیضا بالتخلي النھائي أو إسترجاع المولود في الآجال المسموحة مع إمكانیة منح إسمھا العائلي لھ أیضا لإبقاء الصلّة الطبیعیة بین الأم والطفل.حاولنا من خلال ھذه الدراسة أیضا في جانبھا التطبیقي الذي اعتمد على التزاوج بین مجموعة من المصادر و المعطیات واختیار عینة عشوائیة ضمت 30 أم عازبة على مستوى ولایة وھران و إحصاء كذلك 1406 ملف تخّلي على مستوى مدیریة النشاط الإجتماعي على معرفة عدد الأمھات العازبات في ولایة وھران خلال 10 سنوات، كذلك رصدّ الخصائص الدیمغرافیة و الإجتماعیة لھذه الفئة من أجل إستخلاص العوامل المباشرة والغیر مباشرة التي تلعب في زیادة أو نقصان عدد الأمھات العازبات ومن ثمّ اختبار درجة التأثیر الذي تلعبھ المتغیرات التابعة و المستقلة في تحدید إنتشار الظاھرة.لقد أصبحت ظاھرة الأمھات العازبات الیوم من المشاكل المعقدة لتشابك مجموعة من الأسباب التي ساھمت في أن تصبح الظاھرة تمس كل الطبقات الإجتماعیة و المستویات التعلیمیة وفي أن تكون نتائج ھذه الظاھرة حقائق لا بدّ من مواجھتھا في ظل الغزو الثقافي و الإنفتاح على كل ما ھو جدید.