الفضائل الفلسفية والتربوية في فلسفة جاك روسو

Abstract

إن مضمون الرسالة هاته، والموسومة بعنوان : الفضائل الفلسفية والتربوية في فلسفة جان جاك روسو حاولت أن تكشف اللبس عن مسألة خطيرة وفضيلة سامية أغفلتها التربيات السابقة، وهي التربية الطبيعية أو بالأحرى دور الميول والرغبات في النجاح العمل التربوي. لكن النظر في هذه المسألة كان يتوجب على روسو تصحيح المفاهيم الخاطئة والتي كانت وريثة حقبة العصور الوسطى المتعلقة بهذا الاتجاه، وخاصة مفهوم الطفولة، والذي كان ينظر إليها حتى من أتباع الكنيسة أنفسهم وروادها كأغستين مثلا نظرة سلبية، دفعت بهم إلى القفز على هذه المرحلة البارزة في حياة الإنسان عموما واعتبارها امتداداً للخطيئة الأصلية، لكن الطرح الروسوي قلب المعادلة وصحح المفهوم، وجعل من الطفولة مرحلة إيجابية، أي أن الرغبات هي العامل المهم في نجاح التربية ومن ثمّ التعليم. فانطلاقا من هذه الركيزة التي وضعها روسو بنى على إثرها تربيته المستقبلية بتوضيحه لنقاط مهمة تتخلل هذا العمل الكبير، بداية بتحديد موقفه من الدين إلى رأيه في الحرية والمسألة الطبية وصولاً إلى موقفه من تعلم اللغات والتاريخ والمواد التعليمية الأخرى، وبذلك اعتمدت التربية المعاصرة على هذه المبادئ التي تبلورت في عصر الأنوار، بإعادة قراءتها ونقدها ومن ثمّ تطويرها عن طريق الإسهام العلمي من خلال بناءها من جديد. فَعُدَ جان بياجيه من أبرزهم، والذي يصنف من علماء النفس المعاصرين المختصين في الجانب التربوي، بحيث قسم مراحل الطفل من سنواته الأولى إلى سن بلوغه معتداً في ذلك على الجانب البيولوجي العلمي، بحيث وصل في الأخير إلى تحديد النمو المعرفي للمتربي وكذا نموه الأخلاقي، وربما هذا العمل لم يكن ليحصل لولا إسهامات أعمال روسو في هذا الصرح.