المنطق الرياضي بين اليقين العلمي و العمق الفلسفي

Abstract

يمكن تلخيص البحث في شقّين أساسيين، انفرد كلاهما بباب قائم بذاته. فالشق الأول، و هو موضوع الباب الأول الوارد تحت عنوان: ’’ دعائم المنطق الرياضي ثنائي القيمة’’؛ تم فيه التطرق لنسق الرياضيين و الفيلسوفين الإنجليزيين( رسل) و (وايتهيد). و قد عرف في تاريخ المنطق باسم ’’ نسق P.M’’ و من هنا، قمنا في هذا الباب بعرض جملة المفاهيم، القواعد، القوانين و آليات البرهنة الخاصة بكل نظرية من نظريات المنطق الرياضي: حساب القضايا، حساب المحمول، حساب الفئات و حساب العلاقات. و هذا، بدون إغفال التعرض بالتحليل اللازم الذي يستحقه موضوع النسق الفرضي الاستنباطي الذي يشكل العمود الفقري للعلوم الصورية المنطقية و الرياضية في عصرنا. أما الشق الثاني للبحث، و هو موضوع الباب الثاني الوارد تحت عنوان: ’’ ما بعد المنطق الرياضي ثنائي القيمة’’ فقد تعرضنا فيه –كما يدل اسمه- إلى مختلف المعلومات، الأفكار والنظريات الفلسفية و العلمية التي تتعلق بالنسق موضوع البحث. فإن تحرينا في الباب الأول العرض العلمي الدقيق، حيث أن مجاله هو بسط لنظريات علمية ذات طابع صوري رياضي ؛ فقد تحرينا في الباب الثاني التأمل الفلسفي و التنقيب الفكري للكشف عن أصول و جذور النسق المنطقي "P.M". كما قادنا هذا التأمل إلى التطرق إلى عوامل تجاوز هذا النسق الفلسفية و العلمية و –بالتالي- عرض أبرز الأنساق المنطقية المعاصرة غير الثنائية: منطق الجهة، المنطق كثير القيم و المنطق المرن. لقد تمخض البحث الخاص بالباب الثاني أي الخاص بفلسفة و تاريخ المنطق عن نتائج جديرة بالذكر، إذ لا تخلو من الجدة و الأصالة. و خلاصة هذا الباب المؤلف من ستة (06) فصول ما يلي: - بيان الجذور المنطقية القديمة و الحديثة للنسق ثنائي القيمة. فبالنسبة للقديمة، هناك أعمال(أرسطو) و (إقليدس)، أعمال الميغاريين و الرواقيين و في العصور الوسطى، أعمال(إبن سينا) و (لول). فقد ساهم كل من هؤلاء في التمهيد لنشأة المنطق الرياضي ثنائي القيمة، و بالضبط لنشأة نظريتي حساب القضايا و حساب المحمول. بل أن منهم من فسح المجال للتفكير في منطق الجهة و منطق كثير القيم المعاصرين. أما بالنسبة للجذور المنطقية الحديثة التي نبع منها نسق رسل-وايتهيد، فهي أبحاث (ليبنتز) و (هاملتون) التي عكفت على نقد و تجديد المنطق الأرسطي. فأدرجت اللغة الرمزية الرياضية في هذا المنطق و عملت على توسيع منطق القضايا الحملية. ثم جاءت أبحاث(بول)، (دومرغان) و (بيرس) لتواصل مشوار ترويض المنطق و تبلغ به ذروته. و لكن سيظهر إنتاج آخر معاصر يدعو إلى الإتجاه المعاكس و هو منطقةالرياضيات مع (فريجة) و (بيانو) إلى أن يبلغ أوجه مع (رسل) و (وايتهيد). - بيان الأصول الفلسفية لهذا النسق. و هي تتمثل في ميراث الفلسفة التجريبية التقليدية الحديثة التي أسسها (فرنسيس باكون) و بلغت قمتها مع (استيوارت مل). وهو ميراث يمتد إلى العصور الوسطى لدى بعض مفكري الإسلام مثل (ابن الهيثم) و (ابن حيان) و بعض مفكري المسيحية مثل (روجربيكون) و (وليم أوف أوكام). كما تتمثل هذه الأصول الفلسفية في فلسفة (رسل) و فلسفة (فتجنشتاين) الذرية ذات المنابع العلمية الفيزيائية و الميتافيزيقية. والفلسفة الذرية عند (رسل) و (فتجنشتاين) امتداد للفلسفة التجريبية التقليدية، أي امتداد للفكر التحليلي الذي سيقود في الأخير إلى نشأة الوضعية المنطقية في القرن ال20. - بيان عوامل تجاوز النسق ثنائي القيمة. فهناك عوامل علمية من علوم المنطق نفسه، الرياضيات و الفيزياء وعلى رأسها حساب الاحتمال و نظرية الكوانتم المعاصرة. وهناك عوامل فلسفية أبرزها مذاهب الشك، المذاهب النسبية و الفكر الجدلي قديماً و حديثاً، إن هذه الأفكار الفلسفية و العلمية تفسح المجال للقول بقيم تتوسط الصدق و الكذب. - بعد التعرض لعوامل تتجاوز النسق، تطرقنا إلى عرض أبرز الأنساق الصورية المعاصرة غير الثنائية: منطق الجهة، المنطق كثير القيم و المنطق المرن.