Veuillez utiliser cette adresse pour citer ce document :
https://ds.univ-oran2.dz:8443/jspui/handle/123456789/1703
Titre: | العولمة و السيادة في ظل العلاقات الدولية المعاصرة |
Auteur(s): | عياشي, حفيظة |
Date de publication: | 2007 |
Editeur: | Université d'Oran 2 MOHAMED BEN AHMED |
Résumé: | في نهاية هذه الدراسة يمكننا القول بأن تعميق صيرورة العولمة سوف يؤدي إلى تعاظم حركة التفكك الوطني والاستقطاب الاجتماعي لصالح نشوء علاقات تضامن خارجية بين النخب الحاكمة والمنظومة الدولية، وستكون النتيجة نشوء اتجاه مطلق نحو التركيز المزدوج للثروة أولهما وطني أو داخل البلد الواحد يقضي بحصرها في يد فئات محدودة، وثانيهما عالمي ينزع إلى تركيز أصحاب الثورة أنفسهم في أقطار ومجتمعات محددة على وجه الكرة الأرضية. ويبدو لي أنه سيكون من الصعب معالجة مسألة انحسار السيادة وتركيز الهيمنة العالمية في أيدي قوى دولية غير خاضعة لسلطة أي دولة من دون نشوء منطق تضامن عالمي يحل تدريجيا محل منطق التضامن القومي. وهذا يفترض تبلور مفهوم للتضامن الإنساني، أي أن التضامن يتجاوز حدود التضامن الوطني التقليدي ويقترب من مفهوم الأخوة الإنسانية بأعمق وأوسع مما هو قائم الآن ، فهل يمكن المراهنة على نمو نمط جديد من التضامن الإنساني أو العالمي حتى يمكن التعويض عن تراجع قوة التضامن الوطني وبالتالي منع عملية انحسار السيادة الوطنية من أن تكون مواكبة للانحسار الاقتصادي والثقافي أو الاجتماعي في البلاد الضعيفة الفاقدة للسيادة التي تشكل ثلاثة أباع البشرية. هذا ونشير إلى أنه ثمة تخمينات و توقعات جيو إستراتيجية مستقبلية حول مصير السيادة الوطنية على المدى البعيد، التي لا ينبغي أن نفوّتها على الأذهان والتي ينبغي على ساسـة وشعوب الدول الوطنية المستضعفة إدراكها، ومن ثم إعداد السياسات الحمائية المواجهة لها بغية الحفاظ على ما تبقى من بعض الركائز القانونية والسياسية للسيادة ، والتي تصب من خلال ما سمي بالرؤى المستقبلية لمفهوم السيادة الوطنية . إذ طرح المفكرون والباحثون رؤى متعددة بشأن مستقبل السيادة الوطنية في ضوء متغيرات العولمة وقد وضع الباحثون أربعة سيناريوهات رئيسية لمستقبل السيادة الوطنية هي: اختفاء السيادة، استمرارية السيادة، الحركة العالمية، التفككية والنسبية، وسوف نستعرض باختصار تلك السيناريوهات. أولا: سيناريو اختفاء السيادة يرى أنصار هذا السيناريو أنه كما حلت الدولة محل سلطة الإقطاع تدريجيا منذ نحو خمسة قرون، سوف تحل اليوم الشركة متعددة الجنسيات تدريجيا محل الدولة، والسبب في الحالتين واحد وهو التقدم الثقافي وزيادة الإنتاجية والحاجة إلى أسواق أوسع، ووفقا لهذا السيناريو، فإن الشركات متعددة الجنسيات تسعى خلال تلك المرحلة إلى إحداث تقليص تدريجي في سيادة الدولة، بما يؤدي إلى اختفاء مفهوم السيادة، ثم الدولة القومية ذاتها في مرحلة لاحقة. وفي إطار سعيها لتحقيق ذلك الهدف، تستعين تلك الشركات بجهود هيئات ومؤسسات أخرى، منها المؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ومختلف وكالات الأمم المتحدة العاملة في ميادين التنمية والثقافة، ومنها أيضا أجهزة المخابرات في الدول الكبرى ومختلف وسائل التأثير في الرأي العام كالصحف والمجلات وشبكات التليفون والمؤسسات المانحة للجوائز الدولية المهمة والمنشغلة بحقوق الإنسان ... الخ. كما أنها لا تدخر وسعا في تجنيد مفكرين وكتاب في مختلف البلدان ينظّرون ويروجون لأفكار الحركة والكونية، ويؤكدون أن الشعور بالولاء للأمة أو الوطن قد أصبح من مخلفات الماضي التي يحسن إهمالها. و يخلص أنصار هذا الاتجاه إلى أن الصورة العامة التي تستدعي الانتباه هي التراجع العام لسيادة الدولة و انحسار نفوذها و تخليها عن مكانتها، شيئا فشيئا، وأن المؤسسات تتعاظم قوتها يوما بعد يوم و هي الشركات العملاقة متعددة الجنسيات وستكون الوظيفة الجديدة للدولة خدمة المصالح المسيطرة و هي في الأساس مصالح الشركات الدولية العملاقة. و الواقع أن فكرة تلاشي سيادة الدولة، ثم اختفاء الدولة القومية في مرحلة لاحقة هي من الأفكار الشائعـة في تاريخ تطور الفـكر السياسي، حيث قالها كل من ماركس والفوضويين، ومع ذلك لم تنته السيادة ولم تتلاشى الدولة القومية، وهذا في حد ذاته يشكك في المنطلقات التي أتى بها الطرفان، و بالتطبيق على العقد الأخير من القرن العشرين، فان سيناريو اختفاء السيادة لصالح الشركات متعددة الجنسيات هو طرح مبعثه الاعتقاد بأن الدولة القومية فقدت وظائفها على شتى الأصعدة، و هو ما لم يحدث كما سنشير إليه فبما بعد. ثانيا: سيناريو الحكومة العالمية يذهب هذا السيناريو إلى أن هناك تغييرا سيحدث في مفهوم السيادة الوطنية، حيث ستتنازل الدولة القومية عن سيادتها لصالح حكومة عالمية منبثقة عن نظام عالمي ديمقراطي، حيث تعيد العولمة طرح فكرة الحكومة العالمية، ليس باعتبارها حلما بعيد المنال وإنما باعتبارها عملية في طور التكوين ففي كتابه زمن العولمة '' le globale age '' يشرح مارتن آلبرو كيف تفك العولمة الارتباط مع الدولة القومية بقيام مجتمع عالمي world society يبحث عن دولة عالمية world state، وإذا قدّر لهذه الدولـة أن توجد بالفعل فلا بد أن تكون دولة كونية globale state ويشـرح مانيـويـل كاستلـز manuel castells فـي كتابـه نهايـة الألـفيـة the end of millennium ميكانيزمات التحول التي طرأ على كل من الاقتصاد والمجتمع والثقافة في زمن المعلوماتية، حيث يؤكد على أن منطق الشبكة net work في صياغة العلاقات الجديدة التي تفرضها التحولات الناجمة عن عملية العولمة في مجالات الاقتصاد والاجتماع والثقافة يؤدي إلى تحول عميق في شكل وطبيعة الدولة القومية ويجعلها بلا سيادة ( ) . وفي هذا الإطار يتحدث أنصار هذا السيناريو عن عدة بدائل من الحكومات المحتملة في مرحلة العولمة وهي: - بديل الحكومة الخفية التي تمثلها شبكة متسعة من تحالف غير معلن بين الشركات متعددة الجنسيات وبعض مؤسسات المجتمع المدني بالتعاون مع حكومات مجموعة الدول السبع. - بديل الحكومة المعلنة المفروضة بحكم الأمر الواقع تجسدها الإدارة الأمريكية وتمارس دورها منفردة أو من خلال مجلس الأمن أو حلف شمال الأطلنطي. - بديل الحكومة المنبثقة عن نظام عالمي ديمقراطي تمارس عملها في ظل رقابة سياسية وقانونية أي في ظل سلطة تشريعية وأخرى قضائية. _ بديل وراثة الأمم المتحدة للدول القومية بعد تدعيم المنظمة العالمية وتزويدها باختصاصات أوسع وأجهزة أكثر فعالية كما أن هذا السيناريو ببدائله المختلفة مستحيل التحقيق فالتاريخ يوضح استمرارية تباين مصالح البشر وتنظيماتهم ووجود تغير مستمر في هيكل النظام الدولي كما أن القول بإمكانية تولي الأمم المتحدة مهمة تصفية وجود الدول القومية يتجاهل بأنها في الأصل وفي الأساس عبارة عن تشكيل مكون من الدول القومية. ثالثا: سيناريو التفكيكية يتوقع أنصار هذا السيناريو أن الدولة القومية لن تكون قادرة على مباشرة مظاهر سيادتها على إقليمها، بسبب تفككها إلى عشرات وربما إلى مئات من الدول القومية الصغيرة، تارة تحت دعوة التعبير عن هويات من حقها أن تعبر عن نفسها، وتارة أخرى تحت دعوة توطيد صلة المواطنين بالسلطة، وربما احتجاجا على تخيير النظام الدولي الجديد لجماعات دون أخرى. وعلى الرغم من تزايد الحروب الأهلية والنزاعات الانفصالية، مما يجعل حدوث هذا السيناريو محتملا، إلى أن تمت تحفظات أخرى تلاحقه، فلا بد أن قوى مضادة تعمل على فرملة هذا السيناريو والحيلولة دون انتشار نموذج الدولة الصغيرة أو الترويج له بسبب خطورته الشديدة التي قد تصل إلى دول أروبية ذات توازنات قلقة كإيطاليا، كما قد تصل إلى دول عملاقة شاع عنها تجانسها كالصين. رابعا: سيناريو استمرارية السيادة يرى أنصار هذا السيناريو أن التطورات الراهنة في النظام الدولي لن تأتي على السيادة تماما، فالسيادة الوطنية ستظل باقية ما بقيت الدولة القومية ذاتها، وأقصى ما يمكن للتطورات الجارية في النظام الدولـي المعاصر أن تفعله هو أن تنـال من طبيـعة الوظائف أو الأدوار التي تضطلع بها الدولة بالمقارنة بما كان، ومن بين الأمثلة التي يوردها الباحثون للتدليل على صحة هذا السيناريو توجد تجربة الاتحاد الأوروبي فعلى الرغم من كل ما يقال عن الوحدة الأوروبية الشاملة وفتح الحدود السياسية للدول الأعضاء أمام حركة انتقال الأشخاص ورؤوس الأموال عبر الأقاليم المختلفة لهذه الدول، إلا أن الشيء المؤكد في هذا الخصوص هو أن السيادة الوطنية لفرنسا مثلا، ألمانيا أو بريطانيا أو غيرها لن تختفي تماما وإن كانت تلك الدول ستفقد ولا شك بعض من سلطتها السيادية لصالح هذه الوحدة أو الاتحاد الأوروبي ((1. هذا ما يمكن أن نورده باختصار عن مختلف السيناريوهات المتوقعة لمصير السيادة ومن ثم الدولة الوطنية و التي وان لم يكتب لأي من أحدها التفوق و التحقق على أرض الواقع، ومع ذلك نرى أن بعض معالم ومؤشرات كل واحد منها أصبحت ظاهرة للعيان، هذا على الأقل ما تم الكشف عنه، طيلة أشواط الدراسة الماضية عبر فصولها الواردة. ما يهمنا في النهاية هو محاولة إعطاء أجوبة مقنعة حول الإشكالية الرئيسية التي سبق وأن طرحناها في مقدمة هذه الدراسة، والتي قلنا عليها بأنها ذات طابع مزدوج الأول منها قانوني والثاني سياسي واقعي. وفي هذا الإطار نقول أن السيادة بوصفها تعبير قانوني لمفهوم السلطة سواء على المستوى الداخلي للدولة الوطنية أو على المستوى الخارجي أو الدولي لها أياّ كان بعده إقليمي-جهوي-عالمي، لا تزال تحتفظ بهيكلها القانوني القاعدي العام، وان ضمن نفس الإطار – القانوني- هناك تغيرات و تطورات خطيرة عرفتها السيادة في مفهومها الكلاسيكي، وهذا من خلال توظيف بعض القوى العظمى لبعض آليات النظام الدولي الجديد تحت غطاءات مختلفة أهمها حق التدخل وحماية الوضع الإنساني و مكافحة الإرهاب. أما بوصف السيادة تعبير سياسي وواقعي، فان المقاومة ينبغي أن تكون بأشدها حتى تتمكن الدول الوطنية، أن تتأقلم في لعبة الصراع مع التحولات العميـقة التي يشهـدها المجتمع الدولي من خلال تأثير مختلف فاعليه المتحكمين في مصادر القرار عبـر مؤسساته، وسيطرتهم على مختلف مصادر الثروة وقنوات إدارتها و استغلالها، وفي رأينـا هذا لم يتـأتى دونما تنبه المجموعة الدولية إلى مخاطر اللاتنمية في إحداث الصراعات المستقبليـة، ومن هنا يتضح أن عنصر التنميـة يكـاد أن يكون إلى حد الساعة هو المفتاح الوحيد للتقليل من أخطار العولمـة ومفاسدها.، وعلى هذا الأسـاس يمكن أن تقترح مسألـة العلاقـة بين التنميـة والعـولمـة كموضـوع بحـث مستقبـلي. |
URI/URL: | https://ds.univ-oran2.dz:8443/jspui/handle/123456789/1703 |
Collection(s) : | Magister Droit privé |
Fichier(s) constituant ce document :
Fichier | Description | Taille | Format | |
---|---|---|---|---|
عياشي حفيظة.pdf | 3,17 MB | Adobe PDF | Voir/Ouvrir |
Tous les documents dans DSpace sont protégés par copyright, avec tous droits réservés.