الإستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب : منطق الأمننة في الساحل الإفريقي

Abstract

يتفق جميع الباحثين في القول أن أحداث 11 سبتمبر 2001، شكلت منعطفا بارزا في السياسة الأمريكية وعلاقاتها مع دول العالم، نتج عنها تقسيم هذا الأخير إلى معسكرين: مع أو ضد الولايات المتحدة، وذلك في إطار الإستراتيجية الأمريكية العالمية لمكافحة الإرهاب، التي قادتها "إدارة بوش الإبن"، جاعلة من منطقة الساحل الإفريقي إحدى جبهاتها. غير أن النقطة التي باتت واضحة أمام المراقبين والمتابعين، هي أن الثروة النفطية تحتل أولوية قصوى في هذه الإستراتيجية الأمريكية، فقد استغلت "إدارة بوش الإبن" حالة الهلع التي خلفها مشهد الثلاثاء الأسود، لإحكام سيطرتها على منابع النفط العراقية، ولكن أيضا الإفريقية، لا سيما بعدما أعلنت واشنطن، أن خليج غينيا هو منطقة مصلحة حيوية أمريكية، تستلزم اتخاذ التدابير الضرورية لحماية حرية تدفق النفط منها، ناهيك عن الإحتياطيات الوفيرة التي يزحز بها باطن دول الساحل، حتى إن لم تكن تضاهي تلك المتواجدة في منطقة غرب إفريقيا.ومن المهم في هذا السياق، الوقوف على حيثيات الإستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، بغرض التعرف على منطق سياسة إدارة البيت الأبيض تجاه النفط الإفريقي، من خلال التعرض لهذا التدخل بين كل من سياستها العسكرية والطاقوية، التي تتبعها بغية الحفاظ على مركزها كقوة مهيمنة، في ظل الصراع والتدافع العالمي على مصادر الطاقة في القارة السمراء من جهة، وسعي الولايات المتحدة إلى تنويع وارداتها، وتقليل اعتمادها على النفط الشرق الأوسطي من جهة أخرى، وهو ما ستتناوله هذه الدراسة بالطرح والتحليل، مبرزة أهمية العامل الطاقوي، كسبب رئيسي حرك "إدارة بوش الإبن" للتدخل العسكري في منطقة الساحل الإفريقي، جاعلة من نشاط الجماعات الإرهابية في هذه، تهديدا وجوديا على التدفق الحر لنفط منطقة خليج غينيا في غرؤب إفريقيا، الأمر الذي يشكل تهديدا على الأمن القومي الأمريكي نفسه