عارية الإستعمال و عارية الإستهلاك : دراسة مقارنة

Abstract

عقد العارية يتماثل مع عقد القرض في أن كليهما من العقود الرضائية وأن كل واحد منهما يعتبر ملزما لجانبيه بحيث يرتب التزامات متبادلة بين المتعاقدين حيث يلتزم صاحب الشيء أن يخصصه لآخر على أن يسترده عند نهاية العقد، إضافة إلى تماثلهما في بعض الأحكام المتعلقة بالتزامات المتعاقدين المتمثلة في التسليم وضمان الاستحقاق وضمان العيوب الخفية، وكذا أحكام الرد والانقضاء بالنسبة للعقدين، لكنهما يختلفان في عدة أوجه يفسرها ورودهما ضمن بابين مختلفين في القانون المدني باعتبار العارية جاءت ضمن باب العقود الواردة على الانتفاع بالشيء إلى لكنها لا تنقل الملكية بل تمكن من الانتفاع بها. عكس القرض الذي جاء ضمن باب العقود الواردة على الملكية باعتباره عقد ناقلا للملكية، كما أن الذي يرد في العارية هو الشيء ذاته أما الذي يرد في القرض هو مثيل الشيء في القدر والنوع والصفة ، هذا ما يعطي الحق للمعير في طلب رد الشيء المعار في أي وقت قبل انقضاء الأجل إلا في ما استثناه المشرع عكس المقرض الذي ليس له هذا الحق إلا بانقضاء الأجل المتفق عليه، هذا ما جعل القرض من عقود التصرف إذا كان بأجر أما إذا كان بغير أجر فيكفي توفر أهلية التبرع في المقرض، في حين أن العارية يتطلب انعقادها توافر أهلية إدارة في المعــير لأنــها لا تنــقـل الملكية ولا يسقط فيها حق المعير في الملكية بالتقادم، فتنعقد بدون عوض متماثلة بذلك مع القرض في هذا الجانب. كما يتحمل المعير وحده تبعة هلاك الشيء المعار سواء قبل أو بعد التسليم ما لم يرجع ذلك لخطأ المستعير، عكس القرض الذي يتحمل فيه حائز الشيء المقترض تبعة الهلاك فيكون المقرض مسؤولا قبل التسليم والمقترض بعد التسليم، أما الاختلاف الأخير فيكمن في محل العقدين الذي يشترط في العارية أن يكون قيميا غير قابل للاستهلاك حتى إذا استعمل أمكن رده بعينه بعد الاستعمال، أما محل القرض فيشترط فيه أن يكون شيئا مثليا قابلا للاستهلاك لأنه يهلك بالاستعمال