الفيلسوف و تجربة الإبداع عند ' فريدريك نيتشه '

Abstract

إنّ تجديد الفلسفة وخلق حضارة جمالية مستقبلية، تلك كانت مهمة فريدريك نيتشه وليصل نيتشه إلى إبداع فلسفة وحضارة تخطو منحا مغايرا للبدء الأول "الميتافيزيقا" خاض غمار التجربة مع مشروع الفلسفة الغربية بشكل عام، حاملا نفسه على انتقاد الميتافيزيقا كاشفا لمظاهر الخطأ والبهتان الدفينة بين ثناياها، ففريدريك نيتشه هو ذلك المنعطف ، الذي حدث في تاريخ الفلسفة، و بفضل هذا الفيلسوف عرفت الفلسفة تحولا جذريا فقد انتقلت من الجانب المتميز بالحفاظ على الموروث إلى طابع يتميز بالتمرد وتهديم كل الأصنام الفارغة ليصل نيتشه إلى مرتبة الخلق والإبداع. وعليه فإن نيتشه في سبيل تحقيق حلمه المتمثل في خلق حضارة فنية يكون فيها الفيلسوف الفنان سيدا، حمل مطرقته الجينيالوجيا لتهديم كل ما يقف عقبة أمام تدشين حلمه على أرض الواقع، مهدما كل مصادر الانحطاط من عقلانية سقراط ومثالية أفلاطون، الفكر المسيحي، تشاؤمية شوبنهاور، فاغنر... وكنتيجة لحملته هذه تم تقديس النوازع الحيوية في مقابل الفكر العقلاني والإنسان الجمالي في مقابل الإنسان النظري والاحتفاء بالحياة في مقابل تمجيد العالم المثالي لتصبح الحياة هي الحقيقة الوحيدة ولا حقيقة سواها، هذه الحياة المقترنة بإرادة القوة كبديل لإرادة الحياة النافية التي جدرها شوبنهاور،ومن هذا المنطلق لم يعد الإنسان مسير من طرف هيئات عليا وإنما أصبح مع نيتشه سيد نفسه الوحيد وعوض مبدأ " يجب عليك " الذي كان يكبل طاقاته الإبتكارية الخلاقة أصبح رافع شعار " يجب علي " فهو وحده مفعم بالقوة والقدرة القادرة على تحطيم القيم الكائنة وخلق قيم جديدة، وهذا الإنسان القادر على كل هذا ليس أي إنسان إنّما هو الفيلسوف الفنان المبدع الذي يعتبر تباشير نحو فلسفة المستقبل.