الھرمینوطیقا وإتیقا التخاطب

Abstract

تتناول هذه الدراسة مستجدات الفكر الغربي المعاصر، خاصة بعد التطور العلمي الذي شهده العالم، والمنتجات التقنية التي غيرت من وجهه، حيث اتضح ، أن هذا المشروع لم يعد قادرا أو مؤهلا لتحرير الإنسان من مختلف أشكال السيطرة التي أصبحت تهدد وجوده، وخاصة في ظل النظم السياسية والاقتصادية الشمولية. فلقد اختفت الحرية وغاب العقل، وانقلب التقدم بمفهومه الإنساني إلى انحطاط شامل وتراجع مقلق للغاية. وأصبح في هذه الآونة يتبلور مشروع فلسفي يتخذا من النقد توجها له، وذلك في سبيل الحيلولة دون ضياع الإنسان في واقع مزيف، أو يستسلم لحقيقة كاذبة، أو يخضع لأفكار وأنماط من السلوك يتوهم أنها أبدية، أو مقدسة أو فوق النقد.نحن إذن أمام رؤية نقدية للعلم والسياسة والأخلاق والتقنية، فالأخلاق في فلسفة التواصل لم تعد نهيا ولا أمرا ولا سلسلة محرمات وإكراهات، ولا هي مجرد إيمان أعمى بمعتقدات ومثل وقيم، بل تخضع قواعدها للمحاججة والمجادلة المنطقية بهدف استنباط جملة معايير تضمن لها سبل تنظيم التواصل في المجتمع. وهكذا أصبح من الضروري إعادة التفكير في النظريات الأخلاقية القديمة سواء كانت ذات جذر فلسفي أو ديني، وإحياؤها لمعالجة الأزمات المعاصرة التي تسببت فيها التقنية من جهة، وتزايد قطاعات اللذة والاستهلاك من جهة أخرى.وقد سعت هذه الدراسة إلى التعرض بالتوصيف من خلال بعض النماذج إلى أشكال الحضور الأخلاقي في اللسانيات التداولية التي يبدو أنها أدركت القيمة المخصوصة للعنصر الأخلاقي في التأسيس لفلسفة التواصل، ومن أن وضع الشروط الصورية المنطقية لا تكفي وحدها حتى يحدث فعل التواصل.