الدمقرطة والاستقرار السياسي في الدول العربية المعاصرة (الجزائر ومصر: دراسة مقارنة)

Abstract

هيمنت الدراسات والنقاشات حول الديمقراطية ومآلاتها المتعددة حتى أضحت انشغالا فكريا وسياسيا دأب على سبر أغواره البحاثة والساسة على حدّ سواء. وبين مدافع مروّج، ومنتقد مناوئ؛ تبرز أهمية البحث في موضوع الديمراطية وما يتصل بها من متغيرات في علاقات تأثير وارتباط. ومن المواضيع ذات الصلة تلك، الدمقرطة باعتبارها عملية غايتها ــ من الزاوية النظرية ــ تحقيق نظام حكم ديمقراطي أسسه الحرية، والمساواة، والانفتاح، والتعددية...الخ، وبتحقيقها يحصل الاستقرار السياسي الذي يضمن الانتقال السلمي للسلطة، وفق انتخابات تعددية دورية نتائجها سليمة ومعبرة عن إرادة المصوتين فيها، تفرز برلمانات مستقرة وفاعلة، ناهيك عن تحقيق قدرة حكومية على الاستجابة لانتظارات مجتمعاتها...الخ. لكن الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي لكثير من الدول ومنها العربية على وجه الخصوص يثبت أن مراحل من ما يدعى "عملية الدمقرطة" أدت إلى تقويض شروط الاستقرار التي طالت مجالات سياسية وغير سياسية بلغت حدود ارتفعت معها أعمال العنف والعنف المضاد الذي اتخذ أبعادا وطنية، وإقليمية وحتى عالمية، صاغه البعض في ظاهرة الإرهاب ذات الطابع الدولي. أبانت هذه الدراسة عن أن العلاقة بين الدمقرطة والاستقرار السياسي ــ على الأقل في مراحلها الأولى ــ ليست دائما على ارتباط، وإن وجد بعض من ذلك الارتباط فهو سلبي في أغلب اتجاهاته. وهذا ما أثبتته المقارنة التي أقامتها هذا البحث بين الجزائر ومصر باعتبارهما دولتين عربيتين ومن أكبرها وأكثرها تعرّضا لضغوط الدمقرطة وتحديات الاستقرار السياسي. إن الاستقرار السياسي الذي رُبطت مؤشراته عن عمد بمؤشرات وأسس الحكم الديمقراطي لهي من قبيل التحريف للحقائق الحضارية والتاريخية التي أثبتت عبر الزمن أن الاستقرار متطلب بشري له أبعاد متعددة ومتنوعة ليس سياسية فقط، بل وحتى البعد السياسي للاستقرار إنما يرتبط بأبعاد أخرى تتعلق بالجوانب الاقتصادية، والاجتماعية، والقيمية، والعقدية، والحضارية عموما. إن بلوغ مرام الاستقرار لن يتحقق بالديمقراطية كشرط لازم، إنما بتوفير أسباب القوة المادية وغير المادية، القوة الاقتصادية أولا والعسكرية ثانيا، والتنافسية التكنولوجية ثالثا، والتميّز المعرفي والمنافسة على التفوق المعلوماتي رابعا. تتحقق قوة الدول والمجتمعات التي تستمد منها أنظمة حكمها قوّتها من خلال الانطلاق من معالجة مكامن التأخر الحضاري الذي لا سبيل لعلاجه إلا بردّ الاعتبار للإنسان وتمكينه من الانطلاق في التعبير عن طاقاته ومكنوناته من الإبداع وانتاج التميّز، وإعادة القيمة الحضارية للعمل ومخرجاته، هي وحدها العوامل التي تنهي الأزمات، وتبدع الحلول لمختلف المشكلات، وترقى بالشعوب ودولها ومجتمعاتها إلى علا التجديد الحضاري. Studies and discussions about democracy and its multiple consequences have dominated until it has become an intellectual and political preoccupation that researchers and politicians alike have been exploring. The importance of research in democracy and its related variables is highlighted in the relationships of influence and correlation. Among the related topics is democratization as a process whose goal is theoreticaly to achieve a democratic political system and governing, founded on freedom, equality, openness, be obtained that guarantees the pluralistic elections whose results are sound and expressive of the will of voters, stable and effective parliaments, of pluralism, achieving a government’s ability to respond to the expectations of its societies…etc. However, the political, social and economic reality of many countries, including the Arab ones in particular, proves that the stages of « Democratization process » have undermined the conditions for stability that affected political and non-political areas, reaching limits with which acts of violence rose, which took on national, regional and global dimensions which deal about international terrorism. This study showed that the relationship between democratization and political stability is not always linked. Political stability, whose indicators were deliberately linked to the indicators and democratic’s demonsions of democratic governance, is a distortion of the cultural and historical facts that have proven over time that stability is a human requirement that has multiple and varied dimensions, not only political, but it is also linked to other dimensions related to economic and social aspects and civilization in general. Achieving the goal of stability will not be achieved by democracy as a necessary condition, but by providing the means of material and immaterial strength, economic power, technological competitiveness, knowledge excellence, competition for informational supremacy, and military power. The strength of states and societies from which their regimes derive their strength is achieved by starting from addressing the causes of civilizational lag, which can only be cured by restoring humman dignity and enabling him to set out to express his energies and potentials of creativity and production of excellence, and to restore the cultural value of work and its outputs, are the only factors that end crises, innoving solutions to various problems, and raising peoples, their countries and societies to heights of civilized renewal.