Veuillez utiliser cette adresse pour citer ce document : https://ds.univ-oran2.dz:8443/jspui/handle/123456789/4553
Titre: الأفلاطونية المحدثة و أثرها في الفلسفة الاسلامية مقاربات الفارابي للمدونة الأفلوطينية
Auteur(s): بن دنيا, سعدية
Date de publication: 2011
Editeur: جامعة وهران 2 محمد بن أحمد
Résumé: مر الفكر الفلسفي الإسلامي بمراحل متفاوتة القوة والضعف وبلحظات تأسيسية وأخرى انحطاطية، ولعلّ البدايات الأولى لهذا الفكر تشبعت بالتدوين المكثف للأعمال الفلسفية والدينية على السواء (الشروح والتفاسير..)، وشكلت الفلسفة اليونانية اللحظة الأساسية في تاريخ نضج هذا الفكر وتبلوره، غير أن هذه اللحظة كانت في بعض أبعادها لحاجة دفاعية وتأويلية داخل المنظومة الكلامية والصراع العقلي-النقلي الذي طغى على مظاهر التأسيس للفكر الفلسفي العربي الإسلامي . إن ثقل السلطة الفكرية والعقلانية التي خلفتها فلسفتا أفلاطون وأرسطو على التفكير العربي الإسلامي، من خلال الهيمنة الاصطلاحية والتوجهات المذهبية والأطروحات الفلسفية، كل هذا الثقل جعل الفلسفة العربية الإسلامية ترزح في بداياتها تحت التقليد والإتباع الذين أثرا على مستوى التفكير والنقد لدى فلاسفة الإسلام، أي أن الفكر العربي الإسلامي ظل يراوح مكانه داخل دائرة من القضايا الفلسفية التي لم يتم تجاوزها إلا بالمقارنة مع القضايا النقلية (النصوص الدينية) وهذا ما شكل مادة الصراع في الفرق الكلامية ثم انتقل إلى النصوص الأخيرة من الفلسفة العربية الإسلامية . في هذا المناخ، رأينا، من خلال هذه الأطروحة، كيف أن الفارابي، فيلسوفا وشارحا، قاد حركة فلسفية تجديدية إبداعية نسبيا، للتأسيس لتفكير خلاق من خلال إعادة قراءة الفلسفة اليونانية نفسها، وإذا لم يكن ممكنا تجاوز الفلسفة اليونانية (أفلاطون وأرسطو) بسبب السلطة التأسيسية التي مارستها هذه الفلسفة على العقل - 189 - الفلسفي عموما، فإن الفارابي وجه نقدا خفيا لهذه الفلسفة من خلال التوسط بأفلوطين بوصفه نوعا من التجاوز اليوناني للفلسفة التأسيسية الأولى . لقد شكل الفارابي جزءا من الحوار الفلسفي اليوناني نفسه باعتماده على الوسائط العقلانية الأساسية لمقاربة الأطروحات الفلسفية الأفلاطونية والأرسطية، من خلال عملين أساسين هما : - الجمع أو التوفيق (بين فلسفتي أفلاطون وأرسطو) وهو عمل فيه مجازفة ومغامرة فلسفية كبيرة، تتطلب مجهودا عقلانيا وقراءة متوازنة لأفكارهما وتأويل مختلف الفروقات الموجودة بينهما بالإضافة إلى التلفيق الذي يتطلب إبداعا تخيليا لدمج المتناقضات والمتضادات بين فلسفتين كبيرتين . - أما الثاني فهو استدعاء فلسفة أخرى لمقاربة التصورات العقلانية لفلسفتي أفلاطون وأرسطو وسحبها إلى الساحة الفكرية- الدينية للبيئة العربية الإسلامية، هذه الفلسفة هي فلسفة أفلوطين ومن ثمة تيار الفلسفة الأفلاطونية المحدثة، بوصفها الأقرب إلى المجال الفكري للجدل الكلامي والصراعات العقائدية، وهذا أيضا تحد آخر يرفعه الفارابي حينما يتخذ وسيطا مزدوجا في فلسفة الأفلاطونية المحدثة، فمن جهة يستعمل هذه الفلسفة في إعادة قراءة أفلاطون ورد أرسطو إلى أفلاطون ردا برهانيا من خلال النقد الذي وجهه أفلوطين نفسه إلى أرسطو، وكذلك من خلال الشروح التي قدمها والتصورات المنطقية التي نسجها. ومن جهة أخرى يتخذ الأفلاطونية المحدثة وسيطا لمحاورة ومجادلة الاتجاهات الكلامية والفلسفية التي تتوزع بين أفلاطونية وأرسطية في محاولة لتجاوز هذه الاتجاهات التي غالبا ما كانت تنتهي إلى نتائج ذات طابع ميتافيزيقي جاف، ومن ثمة المرور إلى بناء منظومة فلسفية متكاملة للعقل الفلسفي العملي وإشكالياته الأساسية (الأخلاق، السياسة، البناء الاجتماعي..). - 190 - وتبدأ هذه المنظومة الفلسفية المتكاملة في إحصاء العلوم وتقرير المفاضلات بينهما لتنتظم في أولويات، ثم المرور إلى مقاربة المصطلح الفلسفي وإيضاح القضايا المرتبطة بلغة الفلسفة ومفاهيمها في العربية وآليات تداولها في النصوص الفلسفية من خلال كتاب الحروف، مرورا إلى وضع منهاج المدينة الفاضلة وبناء المجتمع السياسي المتوازن وصولا إلى تحصيل السعادة ومراتب الوصول إليها من خلال قراءة في الاحتياجات العقلانية لسعادة الإنسان . إن هذا المسار الفلسفي العقلاني الذي سلكه الفارابي ما كان ليتحقق لولا تلك الشحنات الوسائطية لفلسفة الأفلاطونية المحدثة المطعمة بالفكر الرواقي ذي الطابع العملي، وهذا ما يفسر اعتماد الفارابي على الوسائط الفلسفية لإحداث التوازنات اللازمة للوصول إلى الأهداف المبيئة في الحضارة العربية الإسلامية وعلى رأسها مسألة التوفيق بين العقل والنقل، إذ إنه تخير الوسائل اللازمة لمقاربة الإشكاليات الفلسفية والدينية دون أن تفقد هذه المقاربات طابعها العقلاني وامتداداتها الفلسفية . لقد لاحظنا، من خلال هذا البحث، أن الفارابي قد شكل لوغوسا خاصا به من خلال الخطاب الفلسفي الذي تبناه، أي من خلال إعادة إنتاج المفاهيم الفلسفية اليونانية في ضوء التصورات الدينية الأساسية وكذلك من خلال إعطاء الأطر العقلانية لنظام الموجودات في الفضاء الديني الإسلامي، مستعينا بنزعة صوفية هي وسيط آخر لتعديل وتخفيف اللوغوس الأفلوطيني الذي لا يستجيب كليا لاستيعاب المقومات الدينية الإسلامية، وهذا بالضبط الرهان الأساسي الذي واجهه الفارابي في بدايات صياغة مشروعه العقلاني . يكمن العمل الإبداعي الذي قام به الفارابي، على مستوى الخطاب الفلسفي العربي الإسلامي، يكمن في عقلنة المنظومة المفاهيمية والمقولاتية للكلام والتصوف - 191 - الإسلامي بتهذيب المنطق اليوناني وفلسفة الأخلاق الأفلاطونية والأرسطية وتكييف مقولات أساسية في فلسفة الأفلاطونية المحدثة كالفيض والأقانيم وترتيب الموجودات ونظامها وإشكالية الواحد والواحدية والكثرة والمحاكاة وغيرها، تكييفا يسمح بإنتاج نصوص توفيقية لا تتعارض مع المقدمات العقلانية للفلسفة اليونانية من جهة، كما لا تعارض مع الخطوط الكبرى للنصوص الدينية الأساسية في الفكر العربي الإسلامي من جهة أخرى . على الرغم من أن الفارابي ظلّ وفيا، في جزء كبير من فلسفته، للبنيات الأساسية للفلسفة الأفلاطونية بالخصوص، للأسباب التاريخية والمعرفية التي عاشها، إلا أنه استطاع، بفضل العمل التخييلي الذي اتبعه، أن يطور تلك البنيات لكي تساعد في فهم قضايا مهمة كعلاقة الفلسفة بالدين (الملة)، النبوة، وعقلنة المقولات الدينية بما يسمح بطرح مشروع عملي لحل الإشكاليات السياسية والأخلاقية والاجتماعية. وهذا ما شكل بالنسبة للمسار الفلسفي لدى الفارابي، جسر عبور إلى القضايا الأساسية، واعتبر بذلك الفلسفة الأفلاطونية المحدثة وسيطا عقلانيا بين الفلسفة اليونانية (أفلاطون وأرسطو بالخصوص) والفلسفة الإسلامية (الجدل الكلامي وصراع التفسيرات والشروح الخاصة بالنصوص الفلسفية اليونانية الوافدة عبر الترجمات والشروح ). لقد استمد الفارابي قدرته على الطرح الخلاق للقضايا الفلسفية والسياسية والدينية من قدرته على ممارسة الفعل التخيلي الذي يجمع بين الحدود العقلانية التي رسمتها الفلسفة اليونانية والحدود الأنطولوجية التي رسمتها النصوص النقلية المؤسسة للحضارة العربية الإسلامية، وبذلك تمكن الفارابي من التحرك بين تلك الحدود بفعالية كبيرة، دون أن يخرج عن الأسس العقلانية والأنطولوجية لبناء الخطاب الفلسفي بمفاهيمه ومقولاته وأطروحاته الضرورية . - 192 - وبذلك فإن الفارابي استطاع، إلى حد ما، أن يبدع في طرح القضايا الفلسفية والتصورات الدينية والسياسية والأخلاقية، كما يوضح التحليل الذي قمنا به في هذا البحث لفكره، أن الفكر الفلسفي العربي الإسلامي لم يخضع للمقولات الفلسفية نفسها التي أثرت في البنيات الدينية والفكرية والعقائدية للحضارة الغربية المسيحية وهذا يعني أن الفارابي كواحد من أحد أهم فلاسفة الإسلام، قد تفطن للمضامين الأسطورية والوثنية للفكر الفلسفي اليوناني، وعليه فقد عالج الفلسفة اليونانية، والأفلاطونية المحدثة بالخصوص، بحذر عقلاني شديد، ينم عن إدراك عميق للخطاب الفلسفي اليوناني وظروف تشكله وأبعاده غير العقلانية كذلك .
URI/URL: https://ds.univ-oran2.dz:8443/jspui/handle/123456789/4553
Collection(s) :دكتوراه علم الاجتماع

Fichier(s) constituant ce document :
Fichier Description TailleFormat 
بن دنيا سعدية.pdf1,19 MBAdobe PDFVoir/Ouvrir


Tous les documents dans DSpace sont protégés par copyright, avec tous droits réservés.