Veuillez utiliser cette adresse pour citer ce document : https://ds.univ-oran2.dz:8443/jspui/handle/123456789/3382
Titre: الخطاب الإعلامي و الازدواجیة الثقافیة بالجزائر
Auteur(s): تومي, أم الخیر
Date de publication: 2010
Editeur: Université Oran 2 Mohamed Ben Ahmed
Résumé: إن أهم نتيجة يمكن أن يفضي إليها بحث ما إنما هي ذلك الوعي الذي نستشعره إزاء حدود ما قمنا به وعظمة ما ينبغي القيام به بحكم أهمية واتساع وتعقد مجال الدراسة وهنا يصعب الإدعاء بالإحاطة به وبجميع الظواهر المشاهدة في صلب واقع منخرط في عملية من التحول تجعل الاستقصاء صعبا ومضنيا للغاية. ورغم الجهود والمحاولات التي بذلت لإنجاز هذه الدراسة فإن الميدان لا يزال على شساعته غير مستصلح ومن ثم فهو لا يكف عن استشارة اهتمام الباحثين. نحن نعتقد اننا عرضنا في هذا البحث إمكانيات أخرى للتساؤل مستمدة من منابع العلم العام وقضية الازدواجية والانفصام الثقافي بالجزائر ومن ضمنها " الازدواجية الإعلامية" هي بالنسبة لنا – من حيث أننا مهتمين بمجال الإعلام- الأهم- إذ نرى بأننا وقفنا على استمرار وجود أسئلة كبرى تتوقف الإحاطة بها وحلها على مدى قدرتنا على رفع التحديات العلمية. إن عملية التحقق من فرضية الازدواجية الثقافية بالجزائر والتي تحققنا من وجودها وثبوتها على مستوى الحقل الإعلامي الجزائري – مثلما سبق عرضه في الأطروحة - كان من أصعب وأعوص المهمات لأنها أجبرتنا على تتبع علمي رصين لأصولها التاريخية واستنطاق موضوعي لجميع مؤشراتها بعيدا عن المزايدات السياسوية والطروحات المتعصبة الغارقة في الإيديولوجية الضيقة والتي لم تكن إلا مشكلا متشابكا زاد من تعقيد الواقع الاجتماعي بالجزائر. ما ينبغي أن نعترف به هو أن الازدواجية الثقافية والإعلامية بالجزائر ليست بسيطة بالشكل المقدم في هذه المقاربة العلمية بحكم أن الواقع الاجتماعي هو دوما أكثر غنى وأكثر تشعب من العلوم التي تستهدف معرفته، فالأمور لا تتم أبدا على ارض الواقع حسب هذه الازدواجية المجردة ، فلا وجود أصلا في المجتمع للتقسيم الساذج بين الأبيض والأسود وإنما الوجود لكل الألوان ، غير أن ما يهم الباحث هو اللون الغالب لأنه من يعط للواقع المدروس الصبغة المتميزة والتي يكون معروف بها . برزت في أكثر من محطة من هذه الدراسة مؤشرات حول الازدواجية الثقافية والتي عبَرت عن مدى ارتباط التكونات التاريخية للتوجهات الثقافية والإيديولوجية بمختلف الرموز المعنوية والمؤسسات والشخصيات وهو ما ساهم تشكل خطاب متشنج عكس الصراعات الموجودة بين توجهين ثقافيين كبيرين هما التوجه المدافع عن العروبة والإسلام والتوجه الذي بنى أفكاره على منطق غربي أوروبي . يرجع تكون العلاقات الاجتماعية والثقافية والتاريخية إلى عوامل مترابطة ومتشابكة والتي ساهمت في تعدد الجماعات المرجعية وصراع هذه الأخيرة بسبب الاختلاف العميق في المراجع أو المصادر المعرفية التي تعتمد عليها في تشكيل إدراكها وتقيمها لمختلف مظاهر الحياة ، هذا ما توضح بجلاء عقب الاستقلال إذ أفرزت الاختيارات السياسية والإيديولوجية التي تبنتها الجزائر في تلك الفترة عن عدة نتائج على المستوى الثقافي و اللغوي من بينها تلك الانقسامية التي ميّزت عملية إنتاج النخبة على أسس لغوية وقيمية ، فكان من نصيب المتعلم بالعربية تلك المجالات الدينية والإيديولوجية التي منحت له في إطار تقسيم قطاعي لهياكل الدولة ، فاعتبار اللغة العربية لغة دين ، تاريخ وإيديولوجيا عكس اللغة الفرنسية التي صنفت كلغة علم وعمل ، فكان من نصيب المتعلمين بها مجالات الصناعة ، الإدارة ، التسيير والتقنية ... بناءا على هذا التصنيف يمكن استدراج وتحليل آثار التغير الثقافي من زاوية التناقضات الموجودة بين المجموعات والتي وصلت إلى حد الصراع حول المشروع الثقافي الاجتماعي ، فهذه القوى المتصارعة تستخدم الأفكار التي هي في متناولها والتي تتغير مع الممارسة لكنها تنطلق من الوجود الذي قد يكون موروثا عن الأجيال السالفة أو ناتجا عن مؤثرات خارجية . وظلت ظاهرة الانقسامية كذالك حتى تسعينات القرن العشرين أين اشتد خلالها الصراع بين هاتين الحركتين الاجتماعيتين الرافعتين لقيم اجتماعية ، سياسية وثقافية متناقضة ، إذ سعت كل واحدة منهما – في ظل تلك الظروف – إلى السيطرة وفرض مشروعها الاجتماعي من خلال تحالفات سياسية واجتماعية والتي ساهمت في أبعاد إمكانية السيطرة والمنافسة . فالشيء الذي يجب أن ندركه جيدا هو أن المسالة الثقافية ومنها قضية الهوية هي نتيجة حتمية للظرف التاريخي الذي مر به المجتمع الجزائري، وعليه فالبحث المستمر عنها وفيها إجابة واستجابة لصدمتين في لحظتين تاريخيتين منفصلتين وموصولتين معا " إذ لما انتهت علاقتنا الاستعمارية مع الغرب بدأت علاقتنا الحضارية معه"( ) المبنية على نموذج الحداثة. أفضت عمليات تحليل محتوى الجريدتين بالإضافة إلى المقابلات التي أجريت مع عدد من الإعلاميين الجزائريين عن استنتاج مركزي مفاده أن الصحافة المكتوبة هي إحدى المؤسسات الاجتماعية الإستراتيجية التي عكست حالة الانفصام الثقافي العميق الذي تعيشه الجزائر والذي وزَع المجتمع ونخبته على مجموعتين كبيرتين متعارضتين. إذن لم يقتصر بناء مشروع حضاري لهذا المجتمع على النشاط السياسي بل تعداه إلى مجالات أخرى أبرزها المجال الإعلامي الذي بات يلعب الدور الاستراتيجي في صناعة وتوجيه الرأي العام إزاء قضايا وطنية حساسة والمسجل حسب هذه الدراسة أن الحقل الإعلامي الجزائري المكتوب قد تميز بالانتاجات الثقافية و الإيديولوجية المبنية على أساس التضاد وهو ما عمق من حجم التناقضات وأدى إلى حدوث صراعات ( صراعات فكرية ) بين نخبتها من منظور أن كل اتجاه كان يعيد إنتاج الأفكار في علاقات الصراع الاجتماعي سعيا منه لفرض الهيمنة المعنوية من جهة ومن جهة أخرى محاولة كل طرف محاربة الطرف المعادي ومحوه و " استئصاله " من الخارطة الوطنية بدعوى انه يحمل أفكار ومشروع لا يخدم الجزائر دولة ومجتمعا . إن ظاهرة الازدواجية التي تنطوي عليها صراعات ثقافية واجتماعية مردَها رغبة وغاية كل جماعة في الوصول إلى اعتراف اجتماعي وسياسي بقوتها وشرعيتها في الهيمنة الرمزية والمادية بحيث لا يتم الوصول إلى هذه الأخيرة (الهيمنة الرمزية) إلا إذا تم توظيف قضايا حساسة في الدولة والمجتمع والتي أخذت فيها مسألة الهوية الثقافية حصة الأسد بحيث تم استعمال مختلف الأشكال الإستراتيجية والتعبيرية والمصلحية والتلاعبات وإن كانت تعمل في مؤسسات محددة كالمدرسة، الأحزاب، الإعلام ... لتصبح على إثر ذلك الصحافة المكتوبة أحد أهم المؤسسات الإستراتيجية التي وظفت بهدف إعادة إنتاج الصراعات الرمزية بين الجماعات مما أسفر عن ظاهرة تكتل وتلاحم مختلف الجماعات الفرعية الموجودة في مختلف التنظيمات بهدف الدفاع والتصدي للطرف المعادي في إطار ما يسمى بممارسة الهيمنة.لأجل هذه الظروف وفي ظلها انقسمت النخب الإعلامية على غرار النخب الجزائرية المثقفة على نفسها إلى مجموعتين متصارعتين نتيجة انقسام الحقل الثقافي نفسه. فقد مارست النخب الجزائرية ومنها النخبة الإعلامية مشكلات الحياة الاجتماعية في شكل تعارض بين ثقافتين، ثقافة عربية وثقافة أوروبية ( غربية) معاصرة وبما أن كل من الثقافتين تتعدد مظاهرهما في مستويات مختلفة، فالتعارض بينهما لم يكن أول الأمر إجماليا شموليا بل بين جزئيات مثل اللغة، التقاليد، العادات الاجتماعية، الأدب، التاريخ، الدين... هذا ما ترجمته المؤلفات والخطابات التي تتفنن في تصوير هذا الاختلاف واللاانسجام ...فقد عّبر التباين الحاصل عن الواقع الذي أصبحت فيه الازدواجية هي السمة التي تميزه ...فهل سيأتي يوما تتخلص فيه الجزائر من الانفصام الذي يكاد يمزّقها ...وهل ستلتف النخب الجزائرية حول مجتمعها وتنصت إليه وتعالج قضاياه وفق خصوصياته بدون اللجوء إلى النماذج المستعارة شرقا وغربا..؟
URI/URL: https://ds.univ-oran2.dz:8443/jspui/handle/123456789/3382
Collection(s) :دكتوراه علم الاجتماع

Fichier(s) constituant ce document :
Fichier Description TailleFormat 
تومي أم الخير.pdf8,65 MBAdobe PDFVoir/Ouvrir


Tous les documents dans DSpace sont protégés par copyright, avec tous droits réservés.