Veuillez utiliser cette adresse pour citer ce document : https://ds.univ-oran2.dz:8443/jspui/handle/123456789/1700
Titre: (التعدديــة الـحزبية في الـجزائر والـمغرب ( دراســـة مقــارنـــة
Auteur(s): بوعـلام, حمــو
Date de publication: 2007
Editeur: Université d'Oran 2 MOHAMED BEN AHMED
Résumé: يقصد بمفهوم النسق الحزبي في علم السياسة طبيعة وشكل العلاقات التي تربط بين الأحزاب السياسية في شكلها التعددي. ففي كل الأنساق السياسية يشكل عدد الأحزاب السياسية فيها، حجم حضورها وتمثيليتها، تحالفاتها واستراتيجياتها مجموعة من العلاقات الثابتة نسبيا تسمى النسق الحزبي، والذي تعتبره هذه الدراسة تعبيرا له خلفية منهجية يساعد على فهم تلك العلاقات بمجموعة من المناهج المتكاملة، والوحدات التحليلية التي تشرح مفهوم التعددية الحزبية في ديناميكيتها. وبهذا المعنى تشكل التعددية الحزبية مدخلا أساسيا لفهم العملية السياسية والنسق السياسي ككل، فالعملية السياسية تحدد بشكل كبير طبيعة العلاقة التي تربط النسق الحزبي مع باقي المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، وهو ما ينعكس على مستوى تفاعل الأحزاب السياسية مع الممارسة السياسية ومؤسسـات الدولة على اعتبار أن شكل المؤسسات، نمط الاقتراع والتقـاليد السياسية السائدة تشكل عوامل إما مساعدة لتقارب التيارات السياسية والعمل المشترك لإيجاد ثقافة ديمقراطية وتنمية سياسية، وإما أنها تؤدي إلى ظهور تعددية حزبية مشتتة. وبناءا على ذلك، وارتباطا بالحياة السياسية الحزبية في الجزائر والمغرب، يلاحظ أن النسق الحزبي في البلدين يظل مرهونا بمجموعة من الظواهر التي تعيق مساهمة الأحزاب السياسية في مشروع المجتمع الديمقراطي الحديث، كما أن خطابات تأهيل الحياة الحزبية لم تتجاوز دائرة النوايا الحسنة لتحول إلى مبادرات حقيقية ملموسة تخرج الأحزاب من التخبط الذي تعيش فيه، حيث لم تسفر الحياة الحزبية سوى عن تعدد كمي لا كيفي وفوضوي غير متجانس للأحزاب السياسية، إلى حد أنه أصبح مع الصعب مقاربة النظام الحزبي في الجزائر والمغرب انطلاقا من التصنيفات الكلاسيكية للأحزاب السياسية في علم السياسة. فهشاشة التعددية الحزبية بالجزائر والمغرب، وضعف تفاعلها مع النسق السياسي يفسر بالقصور الذي تعاني منه الأحزاب نفسها، فأحزاب مأزومة لا يمكن أن تفرز سوى تعددية حزبية مأزومة، ومن هذا المنطلق فإن مسؤولية بطء إنجاز الإصلاحات الديمقراطية لا تتحمل الدولة سوى جزءا منه، لأن جيوب مقاومة التغير لا تقتصر على الدولة فقط بل تشمل التنظيمات الحزبية أيضا التي أصبحت عاجزة حتى عن مواكبة وتيرة الإصلاحات التي أصبحت تقودها الدولة من جهة عبر الإصلاحات القانونية والدستورية التي أدخلت على الحياة الحزبية في البلدين، وجمود الحياة الداخلية للأحزاب نفسها من جهة أخرى. هذه الظروف أدت بالأحزاب السياسية إلى الاستقالة من وظيفتها التي أوجدت من أجلها والمتمثلة أساسا في تأطير وإدماج النخب الجديدة في الحياة السياسية بالطرق المتعارف عليها، الأمر الذي يفتح الباب أمام تنظيمات سياسية غير رسمية للتطفل بهذا النشاط، بالرغم من أن القوانين والدساتير الجزائرية والمغربية قد أناطت بالأحزاب مسؤولية الإستلحاق السياسي. إلا أن حصيلة سنوات من التعددية الحزبية والعمل الحزبي بينت أن اضطلاع أغلب التنظيمات الحزبية بهذه الوظيفة كان ظرفيا وخاضعا لدرجة قرب أو بعد هذه التنظيمات من السلطة، وهو ما يعكسه تراجع أداء أحزاب الحركة الوطنية في الفترة التي تلت خروجها من السلطة ( حزب الاستقلال بعد حكومة الائتلاف الثانية، وحزب جبهة التحرير الوطني مباشرة بعد دستور 1989 ). فالأحزاب السياسية في الجزائر والمغرب عرفت تحولا شبيه بالتحولات التي عرفتها الأحزاب الأوربية في القرن التاسع عشر إذ بعد أن تأسست على إستراتيجية معارضة الدولة عادت لتتصالح معها ولتصبح من أشد المدافعين عنها، ولعل سياسة حزب العمال البريطاني اليوم أحسن دليل على ذلك. فدراسة الأحزاب السياسية على ضوء معايير وجود الأحزاب المتعارف عليها في علم السياسة ( الاستمرارية في الزمن، تغطية التراب الوطني، التطلع لممارسة السلطة، ووجود إرادة لاستقطاب دعم الشعب ) تدفعنا إلى التمييز بين نوعين من الوجود بالنسبة لأحزاب البلدين: وجود قانوني يكتمل بمجرد استيفاء الشروط القانونية المطلوبة لتأسيس الأحزاب، ووجود واقعي لا يكتسبه الحزب إلا بمقدار سعيه لتغطية مختلف مناطق التراب الوطني، وبنائه لمشاريع وبرامج تعكس هموم المواطنين ومشاكلهم، وبالتالي تكون وسيلة لكسب دعمهم في مختلف الاستحقاقات الانتخابية، وعلى هذا الأساس واضح إذن أن معظم الأحزاب في البلدين ليس لها في الحقيقة سوى وجود قانوني، و هذا ما يفسر اقتصارها على الوظيفة الانتخابية، وطريقة تناسلها. فالتعددية الحزبية في الجزائر والمغرب كانت في اغلب الأحيان نتاج عن ظاهرة الانشقاقات التي تعرفها الأحزاب السياسية، بالرغم من أن هذه السمة كانت ولا تزال معطى ثابتا في الحياة الحزبية المغربية بدرجة كبيرة عن نظيرتها الجزائرية، وفي هذا الشأن تمثل الفترة السابقة على الانتخابات أكثر الفترات إفرازا لأحزاب جديدة. كما تظهر هذه الحالة كنتيجة لانعدام آليات ديمقراطية لتصريف الخلافات دون المساس بوحدة التنظيم، وهو ما يفسر مرة أخرى ضعف مأسسة الحياة الحزبية، بحيث يدور الجميع في فلك الأمين العام، الزعيم، الشخص، وليس أمين عام المؤسسة، وهو ما ينتج عنه صعوبة الفصل بين شخصية الزعيم والحزب، وبذلك يصبح أي رأي هو إما مع أو ضد الزعيم، كما أن أعضاء هيئات الحزب غالبا ما يكون الولاء للزعيم هو معيار اختيارهم، مما يجعل العلاقة بين أعضاء هذه الهيئات وبين الرئيس أو الأمين العام أبعد ما تكون عن العلاقات المؤسسية، وأقرب ما تكون إلى العلاقة بين الأب وأبنائه أو بين الشيخ ومريديه، ولذلك لا يُستبعد أن يلجأ المريد إلى كل الوسائل للحصول على مكتسبات من الشيخ، حتى وأن اقتضى الأمر التهديد بالانشقاق وتأسيس حزب جديد. كما يلاحظ الدارس للتعددية الحزبية في الجزائر والمغرب عدم وجود تصور حقيقي للعمل الحزبي، والمقصود بتصور العمل الحزبي هو توفر فكرة الحزب كشرط لتأسيسه، أي المرجعية الفكرية والأرضية السياسية النابعة من قراءة مؤسساتية للواقع الاجتماعي الاقتصادي والثقافي للبلاد، لأن هذه الفكرة هي وحدها ما يمكن أن تعطي لأي حزب مشروعية وجوده، ووزنه الشعبي حينما يتم ترجمتها إلى برنامج يتجاوز كل طابع ظرفي انتخابي، ولا يغرق في الشعارات الرَّنانة التي تدغدغ العواطف أكثر مما تقنع العقول. كما أن لخلفية تأسيس الأحزاب السياسية في البلدين أثر كبير على شكل وجوهر التعددية الحزبية، فقيمة الحزب في المشهد السياسي مرهونة بطبيعة المشروع المجتمعي الذي يحمله، والذي يجد عمقه الاجتماعي في الشريحة أو الشرائح الاجتماعية التي يعبر عن مصالحها، على اعتبار أن الحزب أداة لمأسسة الاختلافات داخل المجتمع بشكل يتيح تصريفها بشكل إيجابي دون المساس بوحدة المجتمع، ولذلك تشترط قوانين الأحزاب السياسية في البلدين ضرورة جمع توقيعات المواطنين كشرط لتأسيسها، وأن تغطي هذه التوقيعات أغلب جهات البلد، في محاولة منها للتخفيف من الطابع العشوائي الذي أفرز اختلالات عميقة بين التعددية الحزبية والتعددية السياسية، بشكل أدى إلى تمييع هذه الأخيرة التي أصبحت تعبر عن تعدد في التلوينات السياسية أكثر مما تعبر عن تعدد في البرامج التنموية المحددة بدقة. هذا ما يجعلنا أمام حقيقة أن أغلب الأحزاب في الجزائر والمغرب كان ميلادها تعبير عن طموحات أشخاص أكثر منه تعبير عن حاجة مجتمعية. وما يميز التعددية الحزبية في البلدين هيمنة الرهان الانتخابي على العمل الحزبي، بحيث يشكل رهان الأحزاب الجزائرية والمغربية على الانتخابات أحد عوامل ضعف النسق الحزبي في البلدين، بحيث تنعدم لدى هذه الأحزاب قوة المراقبة والمطالبة بالإصلاحات السياسية ولو بشكل جزئي، هذا الضعف جعل من شعار الديمقراطية ومن بعده شعار الحداثة مختزلين في المسألة الانتخابية بالأساس، مما أدى إلى تمييع المفهومين بشكل سمح بتوظيفهما بكثير من السلاسة حتى من طرف اتجاهات نقيضة لجوهر الديمقراطية والحداثة. صحيح أن وجود الديمقراطية مرتبط بوجود نظام سياسي يتم فيه اختيار الحكام بواسطة انتخابات تشارك فيها كل فئات الشعب، وصحيح كذلك أن إفراز منتخبين أكفاء يتميزون بمصداقية وشرعية ديمقراطية يعد شرطا أساسيا لبناء الديمقراطية، لكنه يبقى غير كاف في سياق الحالتين الجزائرية والمغربية، حيث لا يعطي الدستور للمؤسسات التمثيلية سوى أدوارا ثانوية، بل إن دراسة الانتخابات في البلدين وفق معايير الانتخابات التنافسية الكلاسيكية المتعارف عليها في علم السياسة، تبين أن التجارب الانتخابية لا تستجيب لهذه المعايير إلا بشكل جزئي، إذ أن مركز القرار لم يسبق له أن كان رهانا لهذه الانتخابات مما جعل أغلب الباحثين، إما أنهم يرفضون إخضاعها للبحث العلمي الأكاديمي أو أنهم يعتبرونها مجرد مقياس لقياس وزن الأحزاب وتمثيليتها كهدف داخلي، ووسيلة لتحسين صورة البلاد كهدف خارجي. وبناء على ذلك فإن معرفة النخب الحزبية بشكل مسبق لمحدودية قدرتها على التأثير في صنع القرار وتطبيق البرامج السياسية يُفسر الطابع الظرفي للتحالفات، وتحول مفهوم المنافسة السياسية إلى سباق على الكراسي، الأمر الذي قد يُفرز تعددية حزبية مؤسسة على تحالفات غير منطقية فكريا وبرامجيا. لكن رغم هذه العيوب تبقى التعددية الحزبية في الجزائر والمغرب، مكسبا هاما قد حققه الكثير من النضال السياسي الذي قاده الكثير من الرجال قبل الاستقلال وبعده، حتى تعيش شعوب البلدين في حياة كريمة وشريفة.
URI/URL: https://ds.univ-oran2.dz:8443/jspui/handle/123456789/1700
Collection(s) :Magister Sciences Politiques

Fichier(s) constituant ce document :
Fichier Description TailleFormat 
بوعلام حمو.pdf3,7 MBAdobe PDFVoir/Ouvrir


Tous les documents dans DSpace sont protégés par copyright, avec tous droits réservés.