الحياة الجماعية وأماكن التعايش الاجتماعي ضمن فضاءات التبادل والتفاوض في الأسواق الأسبوعية

Abstract

تهدف الدراسة إلى تقديم تحليل انثروبولوجي لفضاء تبادل تجاري تقليدي عرفته الجماعة الإنسانية منذ القدم ولا يزال يواصل تقديم وظائف اجتماعية واقتصادية وثقافية و اتصالية في زمن يعرف تغيرات وتحولات بنيوية كبيرة .انطلق الباحث من سؤال البداية :كيف يمكن تفسير استمرار وجود وإعطاء معنى لحياة هذه "المؤسسة التقليدية" في ظل التغيرات الاجتماعية الكبيرة؟ وظف الباحث في دراسته الميدانية التي دامت تسعة أشهر، تقنية الملاحظة المباشرة ومجموعة مقابلات مع مبحوثين لهم علاقة اجتماعية وطيدة بميدان الدراسة ، حيث أوضحت نتائج الدراسة أن السوق الأسبوعي لا يزال يشكل حضورا متميزا في مخيال وممارسات الانسان المحلي بدليل تشابك علاقات التفاعل الاجتماعي التي يمكن رصدها في الفضاء كل أسبوع بمناسبة انعقاد السوق ،الذي يمثل لحظة زمنية مميزة تسمح بتشكل شبكة من العلاقات المهنية والتجارية تتمظهر خصوصا في مستوى علاقات البيع والشراء مما يسمح له بأن يتحول إلى حقل اجتماعي تتعدد فيه أشكال من التعبير الثقافي والتراثي منها ماهو انتاج رمزي مرتبط بمستوى من التمثلات والمخيال ومنها ما يتجسد في صور مختلفة من نماذج الحضور الاجتماعي في صورة ممارسات اجتماعية يمكن رصدها عند الناس في هذا الفضاء .حال وجود جمهور كبير من الناس في السوق يسمح بإنتاج حيز واسع لتداول الأخبار والمعلومات و مجالا خصبا لسماع ونشر هذه الأخبار وهو ما يسمح بخلق فضاء للاتصال الإنساني تتمظهر في مجاله أشكال كثيرة من أشكال الاتصال بدءا بالاتصال الشفهي إلى الاتصال الشخصي الاجتماعي وغيره من الأنماط الاتصالية تبرز معها الوظيفة الاتصالية لفضاء السوق. المحصلة إذن أن السوق هو حقل للتفاعل والتعايش الاجتماعي تتمظهر فيه شبكة من العلاقات الاجتماعية له دوره الاقتصادي المميز في عملية التبادل التجاري والرمزي وتتمظهر فيه كثيرا من صور الحياة الثقافية التي يعيد الفضاء انتاج الكثير من انتاجاتها الرمزية و التراثية المندثرة ،كما انه فضاء اتصالي بامتياز يسمح بتكون رأي عام محلي ويخلق قنوات اتصال مميزة داخل حياة الجماعة.