مقاربة إثنوسيكيولوجية للحالات المتغيّرة للشعور في أعمال ابن عربي

Abstract

تهدف هذه الدراسةإلى التعرف على نوع و طبيعة الحالات المتغيرة للشعور(الوعي) عند الصوفي محي الدين ابن عربي التي تبدو قوية في أحاسيسها و معايشتها، و خارج إطار الإنسان العادي كما تسعى أيضا إلى معرفة مدى تأثيرها على الحياة النفسية و الشخصية للفرد.من خلال دراستي المتواضعة هذه حاولت القيام بدراسةإثنوسيكولوجية للحالات المتغيرة للشعور عند ابن عربي التي دونها في أعماله المشهورة عالميا من وجد و سكر و هيام في الذات الإلهية . ، و لقد مكنني هذا البحث المتواضع من التقرب من شخصية محي الدين ابن عربي الذي استحوذ عليه الحب و الوجد الإلهي العميق الذي لا يصل إليه إلا الزاهد العابد مقدما لنا حالات شعورية روحانية و عاطفية من الوجد و الحب الإلهي مميزة وفريدة من نوعها . فهي حالات من الوعي عالية الدرجة لا يحكمها مقياس للعقل ،تتخطى حدود الزمان و المكان ، يتم فيها إدراك جد متغير للزمن و للمكان و للواقع ، هي تجربة خارج الإطار العادي. هذه الحالات الروحية الوجدانية التي عايشها ابن عربي من الحب الإلهي و الإدراكات الامرئية و تدفق الأفكار، تعتبر حالات يصعب على من لم يجرب معايشتها الوصول إليها أو تفسيرها. ولقد حاولنا من خلال أعماله الإبداعية تفسير تلك الحالات الشعورية الوجدانية و الإدراكية التي هي في غاية الطاقة و القوة من الناحية الإثنوسيكولوجية و العوامل النفسية التي تختفي وراء ها و لفد إعتمدنا في دراستنا هذه على كتبه وعلى سرد الحياة التي تبدو مكان المقابلة غير الموجهة، حيث تسمح للفرد بالتعايش مع ذاته و توجيه خطابه للآخر و تقاسم تجربته الانفعالية ولقد مكنتنا كتبه الإطلاع على بعض حياته الشخصية و على نقل بعض الحالات الشعورية المغايرة التي عايش تجربتها و فسرها في إطارها الثقافي الديني. ولقد أظهرت النتائج أن تجربة الحالات المتغيرة للشعور عند ابن عربي هي تجربة نفسية مرغوبةفيها ، إرادية حقيقية نتيجة ممارسة الذكر ذات محتوى نفسي روحي،تحمل أعراضا تشبه أعراض الذهان مثل الهلوسات الإدراكية ، إلا أن طبيعتها ليست ذهانيه مرضية بل حقيقية في معايشتها . بطلها اللاوعي الذي مكنه من الانتقال من الخيال المحدود و المقيد الواعي إلى الخيال اللاوعي المطلق الخلاق ، فمن خلال التواصل بوعيه الداخلي و ومحاورته و التأثير عليه بشكل إيجابي أصبح عقله مجالا مفتوحا على ما هو ممكن واللاممكنحيث تجسد ما ليس مرئيا مرئيا. إن تجربة التأمل الصوفي لاين عربي ، هي تجربة خارقة للعادة تتعدى حدود الأنا والإدراك الحسي العادي، حيث اللغة تصبح عاجزة عن وصف و نقل هذه الأحاسيس الفائقة إلا رمزا. . إن هذه التجربة الروحانية مكنت ابن عربي من أن يجرب و يتمتع بإدراكات لا محدودة وأحاسيس خارقة للعادة، ذات طاقة عالية من الإيجابية ، كالإحساس الداخلي بأنه قريب من الله و أنه ولي من أولياء الله الذين خصهم بكرامات الرسل وهذا ، كله انعكس على حياته النفسية إذ جعلت من ابن عرابي مخلوقا جديدا وشخصا يتمتع بأحاسيس و مشاعر جد إيجابية، كالشعور بالهدوء و السلام الداخلي والحب والتقدير الذاتي وحب الآخرين و الإبداع الخلاق . إن التقدم التكنولوجي في العالم و المشاكل و الضغوطات ألتي أفرزها التطور ، أدت إلى تعقيدات و مشاكل يومية يعيشها الفرد في محيطه ، كالقلق و العصبية و الخوف و العلاقة المضطربة مع المحيط فلما لا نجرب هذه الحلالات الشعورية الروحانية الممتعة تجعلنا نكتشف بعدا آخرا في ذاتنا ،عالم الأنوار نختبر من خلالها أحاسيس ممتعة من السكينة و الهدوء النفسي مشاعر ذات طاقة عالية من الإيجابية التي تعمل على تحسين حالتنا الصحية