التغيرات السوسيو- ثقافية وأثرها على الهوية الثقافية للمجتمع الجزائري

Abstract

أصبحت المجتمعات تعيش تطورات وتغيرات تمس كل المجالت االجتماعية واالقتصادية والسياسية،بفعل تداعيات التطور والتقدم الحاصلة عبر العالم بالوقت الراهن،لهذا بعد فترة طويلة من التفكير والبحث وقع اختيارنا على موضوع "الهوية الثقافية بالمجتمع الجزائري والتغيرات السوسيو ثقافية التي تتعرض لها". ونقصد بتداعيات التطور،خاصة تطور وسائل االتصال التي جعلت ظاهرة احتكاك الشعوب ببعضها وتداخل ثقافاتهم،وتطلع بعض الجهات -التي لها قوة و وزن- إلى نشر ثقافاتها ونمط عيشها ،وزرع نموذج ثقافي واقتصادي واجتماعي واحد، يضمن بسط هيمنتها على العالم،وهذا ما يتنافى مع خاصيات الكثير من المجتمعات المتمسكة بأصالتها. ومما ال شك فيه هو تأثر ثقافة المجتمع الجزائري،بسبب تداعيات االحتكاك الثقافي العالمي،والتغيرات السوسيو ثقافية الحديثة،والحاجة المتزايدة إلى التغيير فقد تتسبب هذه العوامل في تشكل معالم ثقافية جديدة بالمجتمع والتي من شأنها أن تؤثر على هويته الثقافية. ً من الصراع مما يستدعي إعادة قراءة للواقع الثقافي الجزائري ، ال ُمتسم بتعدد المشاريع الثقافية،والذي يعرف نوعا الثقافي،الذي تولدت عنه محاوالت جديدة في تحديد هويته الثقافية، هذه الهوية الثقافية التي تشبه بانوراما من المظاهر المختلطة وغير متجانسة )اللباس،األكل،اللغة(. فالرهانات التي تعيشها الهوية الثقافية في ظل المستجدات الحاصلة على الساحة الثقافية بالجزائر،أصبحت اآلن تؤثر بصفة ملحوظة على الكثير من التصرفات والمعامالت والممارسات السائدة بالمجتمع،وتخلق اضطرابات على هويته الثقافية. وانطالقا المجتمع من تقلبات في فضاءه االجتماعي والثقافي ومن ممارسات مختلفة ً من هذا الواقع،أي ما يعيشه ت ً فشيئا وتارة متناقضة، بدأت شيئا تولد لدينا فكرة القيام بهذا البحث المتواضع، كمساهمة علمية تدرس التغيرات ً السوسيو ثقافية الحديثة وانعكاساتها على الهوية الثقافية بالمجتمع الجزائري. بهدف معرفة هل تأثرت وتغيرت الهوية الثقافية الجزائرية،في ظل التحوالت السوسيو الثقافية التي يعيشها المجتمع الجزائري خالل العشرية األخيرة؛ أم مجرد تشكالت ومظاهر ثقافية مرحلية قد تؤدي إلى ت شكلة من عناصر ثقافية عابرة.وما هي العوامل التي تؤدي إلى حدوث تلك التغيرات السوسيو الثقافية بهذا المجتمع. وقصد التعرف على هذه النماذج الثقافية الجديدة، اخترنا بعض العناصر الثقافية التي لها عالقة مباشرة مع مقومات الهوية الثقافية ،فتم اختيار أوال الواقع اللغوي باعتبار اللغة أحد أهم مقومات وثوابت الهوية، وثانيا اخترنا دراسة ال ُمتغيرات على صعيد الممارسات الغذائية- الثقافية، باعتبار أن األكل وكل ما يتعلق به من تصرفات وممارسات أحد مظاهر الثقافة، وإرث ثقافي، وملمح حضاري. وللقيام بهذا البحث قسمنا بحثنا إلى بابين رئيسيين:الباب األول نظري، ضم أربعة فصول وهي كالتالي: -الفصل التمهيدي، شمل اإلطار التنظيمي للبحث ومنهجيته؛ من اإلشكالية والفرضيات والمفاهيم األساسية التي ُوظفت خالل الدراسة، والمقاربات النظرية، إلى المناهج والتقنيات المستعملة بالبحث. -واحتوى الفصل الثاني على نظريات ومدارس فكرية تناولت مفهوم الثقافة بصفة شاملة ،وظاهرة الهوية الثقافية بصفة عامة ،كما احتوى الفصل بحث بواقع الهوية الثقافية بالمجتمع الجزائري وأهم األسس التاريخية التي ساهمت في بناءها. -بينما انطوى الفصل الثالث على التغيرات السوسيو الثقافية التي مست الهوية الثقافية الجزائرية وتحوالتها عبر التاريخ، لننهيه باستعراض العوامل األساسية المؤثرة فيها بالمجتمع الجزائري الحضري خالل العشرية األخيرة. -ثم الفصل الرابع تطرقنا فيه إلى الواقع اللغوي وثقافة األكل بالمجتمع الجزائري،واعتبرناه الجانب النظري المُؤسس للعمل الميداني،الذي دار حول هاتين الظاهرتين)لغة التخاطب،وثقافة األكل(. أما الباب الثاني وهو الدراسة الميدانية ، تمثل في: الفصل الخامس واألخير، احتوى على أهم نتائج الدراسة الميدانية و استخالص البحث الذي وضح واقع لغة التخاطب المنتشرة وسط الناطقين بالمجتمع الجزائري وثقافة األكل الخاصة بالمجتمع. وخالل عملية البحث استعملنا مجموعة من مناهج البحث بالعلوم االجتماعية التي تخدم بحثنا،وهي المنهج الوصفي والتاريخي ومجموعة من أدوات البحث العلمي: المالحظة واالستمارة. أما مجال البحث المكاني، الميداني وبهدف تدعيم تساؤالتنا،كان لزاما علينا التنقل عبر جهات مختلفة من الناحية الثقافية عبر الوطن)العاصمة،وهران، تلمسان،عين تموشنت، أدرار، وتيزي وزو(، لنلمس نوعا خاصيات التأثيرات الثقافية حسب الجهة،وحسب هويتها الثقافية المتميزة .